الأحد 20 أيار 2012

٥٠ عاماً من البيشمه‌ركايتي- مسعود بارزاني



مسعود بارزاني

يوم 20 آيار هو ذكرى مشرقة وضاءة في حياتي، فقبل (50) عاماً وفي يوم كهذا ألتحقت بقوات بيشمه ركه كوردستان وكانت هذه الذكرى، بالنسبة لي، ولاتزال مصدر أكبر مفخرة.

في يوم 20 آيار من عام 1962 أتصلت في (وادي بخمة) بمقر البارزاني الخالد ودخلت صفوف البيشمه ركه بصورة رسمية، فلقد أوجدت الأوضاع السياسية ما قبل الثورة وأجواء ما بعدها وضعاً أوجب وفرض أن يكون والدنا بعيداً عن أسرته في معظم الأوقات، لذا فقد أرسلت طلب ألتحاقي بصفوف الثورة (ثورة أيلول 1961- 1975) عن طريق رسالة بعثت بها لوالدي، وكان المفروض، فضلاً عن أستحصال موافقة والدي التي تحققت بعد جهد كبير من شقيقي أدريس وعمي الشيخ بابو، أن أحرز موافقة كبيرنا الشيخ أحمد البارزاني، (أوردت تفاصيل ألتحاقي بثورة أيلول وصفوف البيشمه ركه في الجزء الثالث من كتاب (البارزاني والحركة التحررية الكوردية/ الفصل الخاص بثورة أيلول).. إن تفاصيل وأدق ذكريات توجهي الى جبهات البيشمه ركه ومقر البارزاني ما تزال ماثلة أمام ناظري ومبعث فرح وقسم من أعز ذكريات حياتي..

لقد كانت لهفتي وشغفي للوصول الى صفوف البيشمه ركه في تلك المرحلة من العمر نابعة عن مفخرة كبرى بأسم (البيشمه ركه) لذا فقد كانت أعز مفخرة في حياتي ولاتزال (الألتحاق بصفوف البيشمه ركه وقد أصبحت أحد أفراد البيشمه ركه بأيمان راسخ وأمل كبير، الأيمان بمشروعية القضية الكوردية وعدالتها والأمل والتفاؤل بالنصرهما أساس الأيمان بالبيشمه ركاتي).

وقد كان هدفي وطريقي، كسائر أفراد البيشمه ركه، النضال من أجل حرية الوطن وتحقيق الطموحات المشروعة للكورد وفي سبيل تجسيد ورسوخ كرامة الكورد أزاء جميع محاولات مسح الكورد ومحو وجودهم، وقد كان باعثي في الأستمرار وعدم تراجعي عن النضال روح البيشمه ركه تلك..
الشىء الثابت لدي في عموم مصاعب ومراحل النضال المختلفة.. ورغم مرور (50) عاماً من النضال السياسي والـ (بيشمه ركايتي) هو أن ذلك الايمان الذي دفعني للألتحاق بالبيشمه ركه لم يتزحزح ولو للحظة واحدة لا بل أشتد أقوى وأعمق.. وقد دخلت وزرت معظم قرى كوردستان من زاخو الى بنجوين وكثيراً ما كنا فيها مجموعة رفاق وأصدقاء ثم عادت الينا جثامينهم الطاهرة بعد عدة ساعات لاحقة وهذه أيضاً مفاخر أختلط فيها دمي مع حبي لارض كوردستان وأهلها.. وأتعجب بصدق أن يكون هناك أناس يتوقعون أن أساوم على قضيتي العادلة بعد (50) عاماً من نضالي وحياتي في صفوف البيشمه ركه، وهي قضية ضحيت من أجلها بالعمر كله.

لقد كانت تجربة (البيشمه ركايتي) بالنسبة لي أكبر مدرسة وكان لنا فيها، نحن البيشمه ركه، معلم أكبر مثل البارزاني الخالد، وكانت نصائح البارزاني الخالد سواء كأب أم كمرشد، حادي حياتي ودليل نضالي، بل وبأمكاني القول أن جوهر معنوياتنا العالية في النضال كان نصيحة والدي (لانياس عند النكسات ولا نغتر عند الأنتصار) وظلت شاخصة بأستمرار أمام ناظري وتبقى عاملاً قوياً للتواصل..

لقد شهدت القضية الكوردية وتعيش اليوم تقدماً كبيراً بفضل النضال والتضحيات الجسيمة لقوات البيشمه ركه وعموم شرائح شعبنا ومكوناته، وستتحقق بالأتكال على الله والاعتماد على قوة الشعب وارادته مكتسبات اكبر.. والأمر هكذا فأن الاوجب علينا الحفاظ على روحية نضال البيشمه ركايتي فيما بيننا وفي ضمائرنا ووضع وأعتبار المصالح العليا للوطن فوق أية مصالح آخرى، ونحن اليوم أحوج من أي وقت آخر الى ذلك النضال الطاهر المقدس ضماناً لمعالجة السلبيات وتحقيق طموحات شعبنا في الأصلاح وتأمين حياة حرة كريمة لأبنائه وأن وحدة صفوفنا اليوم هي الضمانة الأكيدة والدائمة لنجاحنا وأنتصارنا و هي الواجب الأكبر الملقى على عاتقنا جميعاً.. أن نضالنا مستمر ونتطلع ونهدف الى أن نحقق جميع أهدافنا بطرق سلمية وليس بأمكان أية قوة أن تقف بوجه طموحات شعب موحد ويعيش بوئام.

من الحق في هذه المناسبة أن أقف بجلال أمام أولئك البيشمه ركه الابطال الذين ضحوا بأرواحهم من أجل عزة شعبهم ووطنهم... وسعدت أرواح وذكر جميع أخوتي في خنادق الشرف مع تقديري لهم أينما كانوا وأتمنى لهم الموفقية والعمر المديد.. وسابقى بيشمه ركه كوردستان مادمت حياً.